اخبارفن و ثقافةمصر

ندوة بمعرض الكتاب: التراث عصب الهوية يتعين الحفاظ عليه في عالم متغير

القاهرة في 3 فبراير/أ ش أ/ شدد خبراء وأكاديميون على أهمية دعم دراسات التراث لأنها عصب الهوية، مؤكدين أنه لا توجد منطقة في العالم تحمل تراثا ثقافيا مثل منطقة الشرق الأوسط، فهي منطقة قديمة لها تميز أكثر فرادة عن مناطق العالم.
جاء ذلك خلال ندوة “التراث الثقافي في عالم متغير” في إطار محور ظواهر ثقافية اجتماعية في ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55.
وقال مدير بيت التراث بالخرطوم الدكتور إسماعيل علي الفحيل، إن التراث لا ينفصل عن الحديث عن التنوع الثقافي واستيعاب الاختلاف.. مشيرا إلى أهم ما في التراث أنه يمنحنا السعادة والشعور بعمق الهوية وتجذرها، علاوة على ذلك فإن التراث يعد موردا من موارد الدخل القومي للبلاد.
وأوضح أن أهم تغيير في العصر الحديث هو الحرب العالمية الثانية وإعمار أوروبا ونشأة المنظمات الدولية الأممية ثم حركات التحرر من الاستعمار، وانهيار الاتحاد السوفيتي وظهور مصطلح العولمة بالتزامن مع ظهور الثورة التكنولوجية الرابعة ومظاهر التغير المناخي، لافتا إلى أن كل هذه التغيرات أدت إلى تغيير البنية الثقافية في العالم العربي، وواجهت البلاد العربية ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة، كما واجه المجتمع العربي آفة التعصب الديني التي تؤدي إلى تراجع الجهود الثقافية مما يهدد التراث والمعرفة المنتقلة من الماضي، مستعرضا التهديدات التي يفرضها عدم الاستقرار السياسي على الدراسات الثقافية وجهود حماية التراث.
وقال الكاتب والمؤرخ الليبي الدكتور سالم الكبتي إن العالم لا يتوقف عن التغير ولذلك فنظرتنا إلى الماضي والتراث الثقافي تتغير واستفادتنا منها تختلف في كل عصر، مضيفا أن ليبيا واجهت الاستعمار كسائر دول الشرق الأوسط والاستعمار يسعى لتدمير الهوية ويفصل المجتمع عن تراثه وكان ذلك أخطر ما واجهه التراث الثقافي الليبي.
وتابع أن الشعر الليبي يستند أصوله على الشعر العربي القديم والموشحات وهو مركز الهوية الليبية، مؤكدا أن ذلك يعطي نظرة لكيف أن تراث دول المنطقة الثقافي مترابط ومتشابك، لافتا إلى أن هناك حاجة ملحة لدراسة مكثفة للمشترك الثقافي لشعوب المنطقة العربية.
بدوره قال رئيس تحرير مجلة التراث الشعبي بالعراق الدكتور صالح زامل، إن عمليات تحول كبيرة في التاريخ لا تقف عند التأثير على التراث فحسب وتمتد لكافة نواحي الحياة، مشيرا إلى أن ذلك ما شكل جدلية التغير والتراث ودراسة العلاقة بينهما.
وأضاف أن إشكالية التغير والتراث تثير قضية الهوية، موضحا أن ما من أمة تعرف نفسها إلا بما تملكه من إرث حضاري وثقافي، مشيرا إلى أن الشباب في وقتنا الحاضر ينجذبون للثقافة الغربية والتحدي هو كيف يدمجون تراثهم العربي الخاص بالتراث العالمي الغربي، وكذلك كيف يعبرون عن أفكارهم على وسائل التواصل الاجتماعي بلغة تراثهم.
وبالنسبة للعراق، بين أن الاهتمام بدء في الستينيات بتأسيس هيئة لجمع الفلكولور والتراث والتي قد واجهت الكثير من التوقفات إلا أنه كان مرتكز دراسات وجهود حماية التراث في العراق، ملمحا إلى أن أقدم مجلة تراث ظهرت في ذلك الوقت في العراق وهي مجلة “التراث الشعبي” والتي تطورت كثيرا على مدار السنوات..وتساءل لماذا نخاف من التغير؟ مؤكدا أنه سؤال شغل كل المختصين في العلوم الإنسانية وعلى رأسهم دارسي الفولكلور، مستعرضا مساهمة الكاتب المصري أحمد رشدي صالح في ستينيات القرن الماضي وكذلك يوسف جوهر وانهما درسا التراث والتغير.
وأشاد بالبنية المؤسسية في مصر التي تحتفي بالتراث وتعمل على قضاياه والمتمثلة في هيئات التراث ومجلات الفنون التراثية معتبرا أنها نموذج للدول العربية الأخرى لما تقوم به تلك الجمعيات والمؤسسات من جهود في حماية التراث وصونه.
من جانبها، قالت رئيس البرنامج الاستراتيجي للتراث بسلطنة عمان الدكتورة عائشة الدرمكي، إن المتغيرات العصرية متسارعة جدا وتؤثر بشكل مباشر على الثقافة والتراث الثقافي، مضيفة أن التراث يواجه العديد من التحديات أبرزها حمايته وصونه.
ولفتت إلى أن التحديات تتمثل في تطبيقات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي التي تسهم في حمايته عن طريق الرقمنة، مبينة أن هناك وثائقا يجري نشرها على فيسبوك وغيره من التطبيقات لكنها غير مدققة كمصادر مفتوحة للجميع لا يقوم على ضبطها وتنقيحها خبراء.
وأوضحت أنه لذلك إذا كان للذكاء الاصطناعي خطورة على التراث الثقافي رغم جهود الحوكمة الدولية، إلا أن مخاطره ما زلت تشكل تهديدا خاصة الذكاء الاصطناعي التوليدي، مشيرة إلى أن كل الصناعات الفنية والإبداعية سواء مرئي ومسموع ومكتوب ترتكز على التراث الثقافي لذلك هناك نسخ متعددة من الحكاية التراثية وشكل الحياة في الماضي.
وقالت ممثل مكتب اليونيسكو بالقاهرة الدكتورة نهلة إمام، إنه من الطبيعي أن يكون العالم متغيرا، وأن التغيرات الكبرى هي التي تفرض تأثيرها على التراث..مناشدة أن ترعى جهة ما طريق الحج وطريق التجارة ما بين دول شمال إفريقيا وحتى مكة مرورا بمصر، على غرار التجربة الصينية في الحفاظ على فكرة طريق الحرير.
وأكدت ضرورة أنه يجب على الإنسان أن يكون المستفيد الأول من تراثه، مشيرة إلى أن ذلك نابع من قيم العدالة، موجهة التحية إلى القائمين على معرض القاهرة الدولي للكتاب مقترحة تحليل بيانات الزوار والاستفادة منها، مؤكدة أن ذلك دليل على الاستدامة في إقامة المعرض وتنوع فعالياته ليجد فيه كل شخص -بمختلف الأعمار- ما يريده.
وتتواصل فعاليات الدورة 55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب لليوم التاسع وسط حضور وإقبال جماهيري لافت، وذلك حتى 6 فبراير الجاري، بمشاركة 70 دولة من مختلف دول العالم.

م و س/أ ع د/ إ س
/أ ش أ/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى