اخبارالأردنمنوعات

مسجد “أبو درويش” بعمان.. تحفة معمارية على الطراز الدمشقي تُزين جبل “الأشرفية”

عمان في 19 يونيو /أ ش أ/ تقرير: خالد العيسوي

شرق العاصمة الأردنية وتحديدا أعلى جبال منطقة الأشرفية يقع مسجد “أبو درويش”، والذي يعد من أقدم مساجد العاصمة الأردنية “عمان” وأجملها، ومشهدًا ينقل الطراز الدمشقي القديم في أزهى صوره وعصوره.
بالحجر الأبيض وآخر أسود، يطلع عليك مبنى مسجد “أبو درويش”، من موقع بارز من جبل الأشرفية التابعة لعمان الشرقية، وتستطيع أن تراه من كل بقاع أراضي العاصمة عمان.
في عام 1961، قام الحاج مصطفى حسن شركس ولقبه “أبو درويش” وهو شركسي ومن سكان عمان ببناء هذا الصرح الإيماني والديني وأوصى بدفنه في باحته، وهو ما تحقق عند وفاته في عام 1991.
ورغم أن الحاج مصطفى حسن شركس وزوجته لم يرزقا بالأولاد، إلا أنهما لقبا بـ “أبو درويش وأم الجيش”، ولكنهما اعتبرا أبناء الشهداء هم أبناءهما، حيث كانت زوجته والتي أطلق عليها “الحاجة أم الجيش” لكثرة انشغالها في خدمة أسر أبناء القوات المسلحة، إذ كانت تنفق الكثير من المال على أسر الشهداء وترعى الأرامل والأطفال.
“أبو درويش” أو مصطفى شركس كان يعمل مديرا إداريا في شركة نفط العراق، وكان يملك الأرض التي بنى عليها المسجد، ولم يبخل بالإنفاق عليه حتى أنه يقال إنه باع منزله وسكن بالإيجار لكي يكتمل بناؤه وليكون من أجمل مساجد العاصمة عمان حتى الآن، بالإضافة إلى إلحاقه بمدرسة دينية لتعليم القرآن الكريم، ومدرسة حكومية تعرف حاليا بمدرسة محمد إقبال الأساسية.
أحد القائمين على شئون المسجد، والذي فضل عدم الكشف عن هويته، قال لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، إن الحاج مصطفى شركس، هو من تبرع بهذا المسجد وقطعة الأرض وأوصى بالدفن في باحته وقد تم ذلك، مؤكدا أنه لا يسمح لأحد بزيارة المدفن لأنه ليس ضريحا، وإنما هو مقبرة عادية دفن فيها “أبو درويش” تنفيذا لوصيته.
وأضاف أن الحاج مصطفى شركس هو من قام برسم المخططات الهندسية للمسجد، واستعان بصديقه الخطاط سامي نعمة في تنفيذ زخرفة الجدران والرسومات، والتي رغم مرور كل هذه السنوات تشعر وكأنها تمت اليوم وليس الأمس.
وأشار إلى أن الحاج شركس وصديقه سامي نعمة ضربا مثلا بالوحدة الوطنية والمحبة رغم اختلاف الأديان، حيث إن الأخير مسيحي.
وتابع أن المسجد يتبع للمئات من المصلين ويتم فتح القاعات كلها أثناء صلاة الجمعة والأعياد، فيما تقتصر الصلاة على مدخل المسجد في الصلوات العادية، مؤكدا أن المسجد يقدم العديد من الخدمات الدينية كالدروس والاحتفالات بالمواسم الدينية وغيرها.
ولفت إلى أنه يوجد في وسط المسجد مكان قديم خصص للوضوء، فيما توجد أيضا مواقع للوضوء داخل المسجد، موضحا أن المسجد تابع للهيئات الدينية بالمملكة ويتم إدارة شئونه بمعرفتها.
بمئذنة تبلغ أكثر من 35 مترا ارتفاعا بأحجار تتلألأ من شدة جمالها وبأنوار ليلية تزين سماء عمان، يعلن مسجد “أبو درويش” عن موقعه، حيث تم التقاط عدة صور أظهرت براعة الفن العربي والحضارة الدمشقية الأصيلة وقدرة الإنسان العربي على أن يخلق إبداعا منذ زمن بعيد ويبقى إلى اليوم.
سكان العاصمة عمان وضواحيها، تعتبر مسجد “أبو درويش” مزارا سياحيا، حيث تتواجد عشرات الأسر في ساحات المسجد؛ للتمتع بالنظر إلى شكله الجميل وحضارته الكبيرة، ويحقق لهم راحة نفسية، ويعد موقعا للنزهة والفرحة، فيما يحرص السائحون على زيارة المسجد باعتباره معلما سياحيا فريدا بالعاصمة الأردنية.
وخلال جولة مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالمسجد ومحيطه، وجد أنه يحتوي على مكتبة دينية تضم ما يزيد على أكثر من 3 آلاف من أمهات الكتب، بحسب المشرف على المسجد، والذي أكد أن الحاج مصطفى شركس كان حريصا على تزويدها بما يتوفر من كتب قديمة وشرائها لوضعها في مكتبة المسجد، فيما يحرص الوافدون على المسجد على قراءة هذه الكتب.
باحات المسجد والتي تعود بك إلى عبق التاريخ، تجعلك تشعر بحالة نفسية غريبة تعود بها إلى إنسانيتك وسط تحفة معمارية تحكي عن نفسها، لاسيما لجهة الروايات التاريخية حول ملابسات تشييد هذا الصرح، وتاريخ الحضارة الإسلامية ومنارات العالم العربي في كل مكان.

أ د ه/عزم
/أ ش أ/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى