اخبارالمقالمـقـالات

رحل الفارس وبقى ذكره بين الناس

الملخص:

  • يفرغ المكان من الرجل العظيم، ويُذكر الناس بمآثره الطيبة، ويقولون أقوال ضمائرهم. نحن شهداء الله في الأرض، بثناءنا على جميع الناس سواءً كان حسنًا أو سيئًا.
  • قال الرسول: “يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار” بالثناء الحسن والسيئ، فأنتم شهداء بعضكم على بعض، وقد اختياركم من شراركم.
  • محمود بكري، فارسٌ نبيلٌ، أحبّه الجميع، حتى في المناصب العالية، بسبب حساسيته وإنسانيته، وأبى أحدًا الخوض في خلاف معه، وأعطى جزءًا من روحه وثقافته ومعرفته، وظلّ حتى اللحظات الأخيرة صديقًا للوطن والإنسانية والمصريين.
  • لا يمكن تحدثنا عن تدينه لأنه كان من الأئمة الأتقياء الأخفياء ولا يزال يخفي حتى عن نفسه ما يقوم به من خير.
  • قبل وعكته الصحية، كان يربط بينه وبين السائلين صلة حبل ممدودة، يفهم حاجاتهم قبل أن يتحدثوا، لبي طلباتهم من نظراتهم، مدهش كيف ولا يوجد حديث بينهم.
  • إلى لقاء في رضوان الله تعالى، في ظله، يوم لا ينفع إلا ظله، يا محمود. كنت رجلاً تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا يعلم شماله ما تنفق يمينه، وشهد الناس على طاعتك لله.
  • في رحلة طويلة من الإسكندرية إلى قنا، شاهدت حب الناس لعائلة آل بكري وأياديهم البيضاء.
  • الفخر بك في عين الله، والشهداء بشهادتهم وشهامتهم ورجولتهم، وأسرتك بانتمائك لها ووطنك بك، ولا وداع بل إلى لقاء يا محمود بكري.

يَفرغ المكان من الرجل العظيم فيعرف الناس قدر من كان فيه، فيذكرون مآثره الطيبة ويقول الناس فيه أقوال ضمائرهم لا أقوال ألسنتهم، فنحن بالثناء على الناس سواء كان حسنا أو سيئا كنا وما زلنا شهداء الله في الأرض.

يقول ابن تيمية: المتقون هم شهداءُ الله في الأرض بما جعله الله من النور في قلوبهم، فمن أثنوا عليه خيرًا كان من أهل الخير.

وفي رواية أخرى قال: “يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار” أو قال: “خياركم من شراركم”، قيل: يا رسول الله، بماذا؟ قال: “بالثناء الحسن، والثناء السيئ، أنتم شهداء بعضكم على بعض”.

عرفنا المرحوم الراحل محمود بكري فارسا نبيلا، لم يختصمه أحد على الرغم من قوة أسلحته، أحبه الجميع داخل السلطة وخارجها، رغم حساسية المناصب التي ارتقاها، مسؤولية الكلمة التي خرجت ومعها جزء من روحه، من علمه وثقافته، من إنسانيته، فظل حتى لحظاته الأخيرة حبيب الإنسانية والوطن وصديقا للمصريين.

لن نستطيع أن نتحدث عن تدينه، فعلي الرغم من أنه أحد الأئمة الأتقياء الأخفياء في عصره – نحسبه كذلك ولا نزكيه علي الله – إلا أنه كان يخفي حتى عن نفسه ما كان يقوم به من خير، قاصدا بذلك وجه الله وحده.

قبل وعكته الصحية الأخيرة قصده بعض السائلين، وهو من العارفين، بينه وبين الله صلة وطريق حبل ممدودة، تفهم حاجتهم قبل أن يقصدوه، لبي طلبهم من نظرات أعينهم، تعجبوا.. كيف ولم نتكلم.

هكذا هم العارفين والسالكين دروب الله بعيدا عن الرياء والسمعة، هكذا كان فارس الكلمة، سقط الفلم ولم يسقط الفارس، صعدت الروح وتوارى الجثمان ولكنه مازال فينا.

لن نقول وداعا يا محمود، وإنما نقول إلى لقاء في رضوان الله تعالى، في ظله، يوم لا ينفع إلا ظله. فكما أنك نشأت في طاعة الله، كنت رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. هذا ما كنت عليه وعلمه الناس فيك وشهدوا عليه.

عندما ذهبت إلى مسقط راسك “العنا” وجالست اهلك وأحبابك وجيرانك وأهل محافظة قنا، بل والأكثر من ذلك أثناء رحلة طويلة بالقطار من الإسكندرية إلى قنا، سمعت من أهل الصعيد وعرفت حب الناس الحقيقي لعائلات آل بكري وأياديهم البيضاء على الجميع.

تذكرت حديث الرسول، قارنت الشهادات الحية في أكثر من مكان، عرفت أن هذه هي الشهادة وهذا هو التاريخ المشرف في الدنيا وعند الله.

لك أن تفخر وأنت عند الله، ولشهداء الأرض أن يفخروا بشهادتهم، بأنهم عايشوا فارس الكلمة والشهامة، والرجولة، لكل أسرتك أن تفخر بانتمائك لها ولوطنك أن يفخر بك، لن نقول وداعا محمود بكري، بل إلى لقاء.

نقلا عن ذات مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى