اخبارتقارير

“المومياء الحية”.. خدعة التحليل الجيني للمصريين المتطابق مع المومياوات

كتبت: نسرين طارق

ضجة كبيرة تلك التي أثيرت على خبر غير تقليدي للبعض، وجدنا ضرورة لاستعراضه من كل الزوايا.
منذ ساعات وعلى أحد الجروبات المصرية المختصة بالأبحاث الجينية لأهل مصر والشرق الأوسط، وهو جروب مناقشة جينوم الشرق الأوسط الكبير MENA Genica، تم نشر مفاجأة وصفها البعض إنها ضربة قاصمة لكل المدعيين والمزورين لتاريخنا المصري ولأصول الشعب المصري حالياً.

مفاجأة التحليل الجيني المتطابق مع المومياوات

المفاجأة التي أعلن عنها صاحب الجروب هي خروج نتيجة تحليل جيني للسيدة “تريفيانا باسيلي”، وهي مواطنة مصرية من أهل طنطا، ونتائجها طلعت متشابهة جداً مع مومياوات العصر الصاوي لدرجة أنها تمتلك 100% من الأصول المصرية القديمة بمسافة 0.029 بدون أي أصول أفريقية أو أجنبية زيادة.
أضاف المهندس محمد عبد الهادي مؤسس الجروب وصاحب فكرة التحليل الجيني للأصول أن النتيجة تعتبر نادرة جداً ومفاجئة، خصوصاً إن أي نتائج تحت 0.03 حسب خوارزمية الحاسبة دليل على أن الفاحص من نفس الشعب اللي تم الفحص منه، يعني نقدر نقول إن “لقينا مومياء عايشة وسطنا بالصدفة” على حد قوله.

المومياء الحية

تريفيانا باسيلي

وحسب ما ذكر المهندس صاحب الجروب انه يستخدم تحليل الاوتوسومال في إجابته على الأسئلة في التعليقات على منشوراته على الفيس بوك.

ما هو تحليل الاوتوسومال؟

هو فحص يجري على الكروموسومات الجسمية فقط 22 زوج التي ورثت نصفها من أبيك والنصف الثاني من أمك

فحص الأوتوسومال autosomal DNA test الأكثر شيوعاً، فيه يتم فحص الكروموسومات جميعها ولكن دون تعمق أو تفصيل، ويحدد هذا الاختبار الأجداد والأقارب من كلا الطرفين (الأب والأم) في نطاق محدود.. خمسة الى ثمانية أجيال على أكثر تقدير.

وتستخدم نتائج هذا الفحص لمعرفة تاريخ الأمراض الوراثية في العائلة.
ونتائج هذا الاختبار من حيث الدقة لا تقارن باختبار الواي Y-DNA، فاختبار Y أكثر دقة وتعمقا.

تتبع الخبر وعرض الزاوية الأخرى للموضوع

بتتبع الخبر والبحث ردت إحدى الصفحات المهتمة بالتطور والعلوم الجينية على هذا الادعاء “مفيش حاجة اسمها الجين المصري”
مفيش حاجة اسمها شابة مصرية تتطابق جيناتها بنسبة 100% مع جينات المومياوات المصرية بالعصر الصاوي .
فكرة نقاء الجين المصري فكرة خرافية وعبارة عن لعبة نصب لا أكثر ولا أقل.
والهدف منها معروف عرض تحليل للعرق أو الجين المصري المصري وقياس مستوي القرابة مع المصريين القدماء بعد الضجة الكبيرة التي احدثتها صورة “المومياء الحية” المقصود بها السيدة نيرفانا
أبحاث المقارنة الجينية Comparative genomic analysis تقوم بها مؤسسات بحثية لأغراض علمية وطبية، ولذلك تكلفتها باهظة جدا.

شركات تقدم خدمة التحليل الجيني

أما الشركات الخاصة التي تقدم خدمات مشابهة لرصد الأصول العائلية فهي تقدم نتائج غير دقيقة، لأنها تعتمد على علامات وعدد من القطع الجينية المميزة، وتقدم هذه الخدمات لغير المتخصصين، لذلك لا يعرفون خلفية وطرق هذه الخدمات.
أما عن فكرة تتبع الأصول الأبوية والأمومية Haplogroups لها أهمية فى رصد الهجرات القديمة، وفهم عدد من الأمراض والأوبئة، وليس الهدف منها التعرف والتفاخر بأصول عرقية معينة.

رأي العلم في النقاء العرقي

واثبت العلم أي جماعة بشرية تتميز بنقاء عرقي، ستكون حتما في خطر شديد لأن النقاء الجيني يؤدي بسهولة لانقراض الجماعة أمام أي تغير حاد في البيئة أو عند مواجهة وباء خطير.
لذا.. التفاخر بذلك مدعاة للشفقة وضرورة البحث عن علاج، لأنه لا يصدر إلا عن جهل أو شعور بالنقص.

نتائج الفحص الجيني للسيدة المصرية

نتائج التحليل

تحليل صور نتائج التحليل الجيني
وبتحليل الصور المنشرة على جروب تحليل الجين المصري المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وجد ان أكتر من نصف النسب الموجودة في الصورة اتيه من الشام.
وكما ذكرنا سابقا ان الفحص المستخدم هو الأوتوسومال، وهو معتمد على فحص الكروموسومات الجسمية، أي لا يمكن ان يحدد أجناس البشر.

النتائج حسب الموجود في الصورة:
1- المصرية 780-400 قبل الميلاد الفترة المتأخرة محاكاة واسعة (لا يوجد أي نسب وهذا يشير إلى انه ليس وجود لهم في مصر آنذاك).
2- المشرق المصري بيروت 537 قبل الميلاد تغطية 26.6٪.
3- الفترة الأخمينية بلاد الشام بيروت 537 قبل الميلاد تغطية 26.6٪.
وهذا يعني ان اجمالي النسب الأسيوية يساوي 53.2٪.
وكون انها بتشارك نسبة 26.6٪ مرتان في بلاد الشام و الفترة الأخمينية فهذا يعني ان لأسلافها تواجد بينهم. وهي الفترة التي تُعرف تاريخياً باسم الإمبراطورية الفارسية الإيرانية وهي قبائل بدوية فارسية قدم قادتها “قوروش الأكبر” سنة 550 قبل الميلاد إلى بابل، ثم توسع منها في الشام ثم قام ابنه باحتلال مصر.
وهذه إشارة كبيرة على أن أسلافها قدموا معهم لأن التواريخ متقاربة.
4- الفترة المصرية المتأخرة 652 قبل الميلاد تغطية 43.86٪.
5- الفترة المصرية المتأخرة 659 قبل الميلاد تغطية 10.98٪.
وهذا يتعارض مع ما ذكر في رقم واحد وربما يعود بسبب عدم دقة هذا النوع من الفحوصات كلما اتجهنا لزمن بعيد.
6- تغطية مصرية هلنستية معاصرة 47 قبل الميلاد تغطية 16.65٪
العصر الهلنستي فترة في التاريخ القديم كانت الثقافة اليونانية ذاخرة بالكثير من مظاهر الحضارة. قد بدأت بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م.
كيف نقول بأن النتيجة مصرية 100% رغم انها نتيجة فحص أوتوسومال لكروموسومات غير جنسية (mtDNA أو Y-DNA )؟
كما اعلن الباحث وائل شاهين، مؤسس ومدير مشاريع جينية ومؤلف كتاب الحمض النووي للمومياوات والأَنثُروبولوجيا المصرية منذ ما قبل الطوفان. وباحث في مجال الحمض النووي من سنة ٢٠١٤م، أن نتيجة التحليل المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وتداولتها كل الصفحات التي تدعم القومية المصرية باعتبارها انتصار للقومية المصرية ما هي الا انتشار للجهل ومرض الشير بدون تدقيق.

كما لاحظنا من منشورات المهندس محمد عبد الهادي وصفحته التي تقوم بالتحليل.. انه لا وجود لمركز معتمد للفحص ولا بيانات، وكل الردود على طالبي الفحص.. إرسال رسالة للمهندس شخصيا على الخاص لمعرفة التفاصيل، على طريقة السعر “إنبوكس”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى