اخبارسلايدرمقالات

احمد نشأت يكتب: هدنة لشهيدة روح الروح

بين شعور بالهزيمة والانكسار وبين آلام تسكن قلوب كل من يحمل في قلبه ضمير إنسان حقيقي،بين كل منصات التفاعل التي يسكنها شعور الإكتئاب والحزن وبين كل شاشات العالم بكل اللغات والتي تطل منها صور لملائكة الله في أرضه وهم أجساد بلا أرواح،بين شعور الوهن والضعف وقلة الحيلة وشعور الغضب والانتقام والكره لكل قوة متجبرة شريرة تقتل الجماد والحي،بين هزيمة شعب أعزل بسبب جماعات وانتماءات خربة، وبين حطام البيوت وغبار الرماد ورائحة البارود والدماء؛قالتها الطفلة بابتسامتها المكسورة: يابا هي الهدنة لامتى؟حاول الأب رفع رأسه واختباء كسرته: اطمني ياروح الروح بيعديها الله وبنرجع البيت…عيناها نظرت نحو السماء قائلة:بس هما عملوا الهدنة مشان وجعك ولاعشاني يابا…ارتمت في حضن ابيها فجأة: خايفة يابا…فاستجمع الأب قوته وصلابته ليضمها ويزيل مخاوفها: من شو خايفة ياروح بابا..ابتعدت عن حضن ابيها قليلا: ششش سامع يابا صوت الرصاص وصراخ الطيارات.. يا اللهقالتها وارتمت مرة أخرى في صدر ابيها خوفا من ذلك الصوت الذي يسكن اذنها دون سكون، ويخترق عقلها مزيلا للآمان وقابلا للاستمرار؛

حاول الأب ان يوقف نزيف دموعه ويكتفي بقليل منها تملئ عينيه دون السماح لها بالنزول امام روح روحه وأخذ يضمها ويزيل آلام خوفها بكف يديه وهي تربت على ظهرها بهدوء وسكون وأخذ يدندن:حبيبة بابا انتي.. روح بابا انتيعين بابا انتي.. قلب بابا انتي

يابا يابا..فزع الاب وآفاق من غفوته لينظر حوله ويتذكر ان فتاته محبوبة قلبه استشهدت ولكن عقله يرفض تصديق ذلك..يابا…صوت النداء كان حقيقيا، يخرج من زاوية المكان المظلم في حطام منزله..انا روح روحك يابا…ليتفاجئ الاب بخروج فتاة عشرينية العمر، تخرج من زاوية الظلامانا ياحبيبي جاية ازورك، شايف يابا كيف كبرت وصرت شابة حلوة..لم يتمالك الاب دموعه التي انهمرت كالمطر وهو يناديها بعلو صوته: ياحبيبة قلب ابوكي يابنتي…دموعه الحبيسة منذ عدة ايام وصلابته التي تغنى بها العالم انهارت امام رؤيته لها..واكمل نداءه بكامل انهياره: كبرتي يابا وصرتي بدر ياروح روحيقاطعته: بس انا مابدي اكون روح روحكفانفجر أنينا وخوفا من ان تكون غاضبة منه: ليش ياحبيبتي؟! انتي زعلانة مني، غصب عني ياروحي، لو بايدي اعطيكي روحي وتضلي وانا اروح وانتي تبقي…

يابا.. قاطعه نداءها له باتسامة رضا، انا شهيدة مابيصير اعترض على حكم الله ولا بزعل منك يا تاج راسي..وليك انتي اللي تاج راسي ياعمري، قاطعها ابوها وهو مطمئن انها ليست غاضبة منه،اكملت حديثها بنفس الابتسامة:انا قصدي يابا ان روح روحك تكون فلسطين، بدي خواتي يكبروا لما يصيروا في سني، ويبقى عنا جيش فلسطيني وطني لا يكون في حماس ولا فتح ولا اشي من كل هاد الحكي الفارغ اللي دمرنا وفرقنا،مابدي يابا إلا وطن واحد زي بقية الاوطان ليها حكومة وليها قوانين واحدة، لينا أرض ثابتة ولينا حدود،مابدي يكبروا خواتي ولساتنا عم نسمع كلام وحكي فاضي واجوف، يابا بدي يرجع جيش فلسطين، جيش من الشعب الفلسطيني، مننا احنا مو شوية بشر من هون وشوية من الجنب التاني ويصيروا يمشوا القضية على حسب مزاج كل واحد، بدي جيش حقيقي يحرر الأرض ويحمي ولادنا من بعدنا زي باقي الاوطان،بدي وطني يكون هو روح الروح لكل فلسطيني حر من دون انتماءات ولا احزاب ولا اشي غير انه فلسطيني وبس،ماتزعل مني يابا، بس خواتي كبروا في الشهر الماضي عشر سنين، عقلهم طار لسابع سما من اهوال اللي صار وعم بيصير..يابا…قالها الأب وهو يرفع رأسه معتزا بحديث ابنته: أمريني يابنتي..تقدمت خطوات إلى ابيها ضمت ذراعيه وعينها في عينه واسندته ليقف شامخا: اوعدني يابا، انكم بترجعوا فلسطين لفلسطين وبس، اوعدني ان روح روحك تفدي فلسطين الارض وبس، انك تقول لعمامي وخوالي وكل الحارة ان تحرير الارض من نبت الأرض، لا غريب ولا اي منتمي تاني، كلكم بتصيروا فلسطيني وبس،بوس ايدك يابا فلسطين لفلسطين وروح الروح تفدي فلسطين وبس…بوعدك ياحبيبة ابوكيوالله وعد، قسما باللي خلقك وعدوحاول جذب يدها ليقبلها..لتختفي ابنتهويستجمع عقله قائلا: ولا نقول إلا مايرضي الله ولا حول ولا قوة إلا بالله؛

عندك حق يابنتي.. مابيحرر الارض إلا من نبت الأرض، وتروح الروح لفلسطين وبس، فلسطين وبس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى