اخبارمقالات

إبراهيم الصياد يكتب: التوثيق المرئي وبناء الوعي في عصر التيك توك

ابراهيم الصياد11683996724

الكاتب الصحفي/ إبراهيم الصياد

لدي اقتناع أن الصورة بألف مقال  ولهذا تأتي أهمية التوثيق المرئي للأحداث في إعادة صياغة دقيقة لثقافة المجتمع على أسس معرفية ومعلوماتية موضوعية سليمة.

وأتذكر عندما كنت طفلا صغيراً في المرحلة الابتدائية في أوائل الستينيات من القرن الماضي درسنا في التاريخ الحروب الصليبية وتصادف إنتاج فيلم (الناصر صلاح الدين) للمخرج المبدع الراحل يوسف شاهين، وهو عمل وثائقي أكثر منه درامي – من وجهة نظري – وقامت المدرسة بتنظيم رحلة لمشاهدة الفيلم في إحدى دور العرض بتذكرة ثمنها (قرشان صاغ).

وبعد مشاهدة الفيلم آنذاك على المستوى الشخصي انطبعت فترة الحملات الصليبية في الذاكرة  بكل تفاصيلها حتى يومنا هذا.

إذن استطاعت الصورة أن تتخلل الإطار المرجعي وترسخ  في الاذهان بشكل اكبر من الاسلوب السردي للكتاب المدرسي.

أقول هذا لكي أقدم اقتراحا لوزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بعمل بروتوكول مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لعرض ما تقدمه قناة الوثائقية المصرية التابعة لها من أعمال متسقة مع مقررات التاريخ والجغرافيا والتاريخ الطبيعي والعلوم الطبيعية في المدارس!

أما الجامعات فاقترح تخصيص قاعات بحثية لمناقشة الافلام الوثائقية في كليات الإعلام والآداب والاقتصاد والعلوم السياسية.

ليس هذا فقط بل أطمح إلى أن يصبح التوثيق المرئي والإنتاج الوثائقي – إن لم يكن موجودا – جزءً من قسم المكتبات بكلية الآداب وتخصص الاذاعة والتليفزيون بكليةالإعلام ومعهد السينما.

وياليت طلاب الدراسات العليا يهتمون بهذا الفرع من المعرفة عند اختيار موضوعات لإطروحاتهم العلمية من رسائل الماجستير والدكتوراه سواء من الناحية التقنية أو المحتوى.

إن بناء الوعي الجمعي لم يعد يتم من خلال القراءة فقط كما كان في السابق لكن مع التطور  وثورة وسائط الاتصال أصبحت المشاهدة المتعمقة والمحللة لها الاولوية في عملية البناء هذه.

ولجأت مواقع الإعلام الإجتماعي Social media إلى اعتبار الفيديو مكملا للمعلومة المكتوبة وانطلقت مواقع متخصصة في الفيديوهات القصيرة مثل تطبيق tik tok الصيني الذي إنطلق عام 2016 وخلال 6 سنوات بلغ عدد مستخدمي تيك توك حوالي 1.2 مليار مستخدم نشط شهرياً وذلك وفقاً لإحصائيات صادرة حتى منتصف العام الماضي ما يجعل التطبيق أحد أكثر التطبيقات الإجتماعية نمواً في التاريخ وإن كنت أرى أنها فيديوهات لم ترتق بعد إلى مستوى  التوثيق المرئي لقصرها و تركز على الموضوعات الخفيفة feature Items !

تيك توك

عصر التيك توك

ولهذا  مازالت القنوات الوثائقية الأكثر جذبا للمشاهد التقليدي  من خلال التليفزيون غير أن نسبة مشاهدتها ترتفع عبر منصات الإنترنت مثل/

Facebook & you tube &  Instagram

الأمر الذي جعلنا نصل الى  وجود علاقة بين بناء الوعي الجمعي والصورة التي توثق للاحداث التاريخية خاصة في الفترات والنقاط الزمنية المفصلية في التاريخ المنظور مثل هجمات سبتمبر ٢٠٠١ و غزو العراق ٢٠٠٣ و زلزال تركيا وسوريا ٢٠٢٣

وهذا يجعلنا أيضا نتناول جانبا مهما في قضية التوثيق وهو تصنيف classification المواد المرئية التي تتناول موضوعات في كل مجالات الحياة انتقالا من السرد التاريخي للحدث إلى عرض تراجم الشخصيات  والأعلام biography في العلوم والسياسة  والاقتصاد والفكر الديني والادب والفنون والرياضة وتعرض ضمن سلاسل منوعة الى جانب  الظواهر الطبيعية والجغرافية !

ونحذر من الموضوعات التي تتناول احداثا أو أشخاصا مازالوا مستمرين في المشهد حتى الوقت الحالي، حيث يصطدم منتجها بحاجز البعد عن الموضوعية لأن  جوانب الصورة لم تكتمل بعد ومن المفترض أن العرض الوثائقي يقدم الصورة الكاملة التي اكتملت كل فصولها  !

كما يقع المنتج في مستنقع الدعاية  ويسأل سائل ماذا عن الموضوعات السياحية والأثرية أليس هذا نوعا من الترويج الدعائي ؟

إن الفيلم الوثائقي لا يتناول إسما تجاريا أو مشروعا خاصا لكنه يتناول موضوعا عاما محددا فهناك فرق بين تناول سياحة الاثار في الاقصر مثلا وبين تناول سلسلة فنادق انشئت بجوار المناطق الأثرية هناك!٠

وهناك فرق بين السياحة الشاطئية وقرية سياحية يملكها مثلا احد رجال الاعمال !

ويجب ان يجيب منتج اي عمل وثائقي على عدد من الاسئلة  :

هل يضيف العمل معلومات جديدة  للمتلقي؟

هل يناقش العمل  موضوعا ما في اطار الصالح العام ؟

هل يروج العمل لشخص بعينه مازال حيا يرزق ؟

هل يسوق العمل لمشروع خاص يدر ربحا ؟

اعتقد أن إجابات هذه الأسئلة سواء بنعم أو لا ستحدد مدى اقتراب أو إبتعاد العمل عن الموضوعية

وفي التحليل الأخير كلما كان العمل موضوعيا كلما كان أقرب للمصداقية والموضوعية وهي أمور تساهم في بناء الوعي الجمعي الذي يشكل الرأي العام !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى