أخبار العالماخبارالأخبار

لحظات خاصة جدا: مصريون دفنوا سوريين في مقابرهم.. ومدافن الصدقة والجمعيات فتحت لهم.. ورجال الأعمال السوريون تبرعوا أخيرًا

تحقيق من سوريا – أشرف التهامى

لحظات خاصة جدا بالفعل، لحظات الفراق والموت، لكن الأخص منه، أن تجد بجانبك صديق أو صديقة يفتح لك مقابر أسرته لتكرم الغالى عليك، لأنك بعيد عن بلدك، ولن تستطيع العودة لوطنك، الذى كان في حالة صعبة، ونجدته وقفة الدولة السورية والشعب والجيش معا، من أنياب الضباع الارهابيين ومموليهم والمخابران الغربية.

مشاهد لا تتكرر كثيرا، إلا في مصر، ومع الأكرمين، من ضيوفنا، الذين تدفقوا على مصر من سوريا، ولم تعاملهم كغير من حوالى ٩ مليون نازح من جنسياتهم مختلفة كلاجئين، بل ضيوف في بلدهم الثانى.

دعاوى تليفزيون سوريا المعارض

لكن يروج موقع وتلفزيون سوريا المعارض أن عدد ليس قليل من السوريين في مصر يتعرضوت لصعوبات في عمليات دفنهم بعد الوفاة، الأمر الذي يشكل عبئاً على ذوي المتوفى، وذلك لعدم وجود مدافن خاصة بالعائلات بالقاهرة، والتي يصل سعرها إلى مئات آلاف من الجنيهات.

يضطر السوريون في مصر ممن لا يملكون مدفنا عائليا لدفن موتاهم في مقابر الصدقات الموزعة في مصر، وهي أراضٍ يشتريها متبرعون ويقدمونها كنوع من الصدقات الجارية، أو في مدافن أنشأتها الحكومة المصرية للفقراء.

وفي بعض الحالات، يسمح بعض المصريين الذين يملكون مدافن خاصة بهم للسوريين باستخدام مدافنهم.

كما تتلقى الطبقات الفقيرة من السوريين المساعدة من رجال الأعمال وميسوري الحال من أبناء الجالية السورية في مصر، الذين اشترى عدد منهم مدافن خاصة بالسوريين في كل من مدن “السادس من أكتوبر” و”بلبيس” و”العاشر من رمضان” لحل مشكلة البحث عن قبر.

مصريون دفنوا سوريين في مقابرهم1مصريون دفنوا سوريين في مقابرهم1

طرق مختلفة للصدقة الجارية

الحاج نديم أبو ياسر، سوري من حلب يقيم في القاهرة منذ 38 عاماً، اشترى قبل سنوات قطعة أرض صغيرة لدفن والده فيها ومن ثم حوّلها إلى مقابر خاصة بعائلته ومن ثم لمن لا يملك من السوريين ثمن قبر.

يقول السوري الستيني، في البداية كنت أريد مدافن خاصة بعائلتي، ولكن بعد فترة عندما وجدت العديد من السوريين لا يملكون مدافن قررت شراء قطعة أرض أخرى تسع لنحو 18 قبراً، لأجعلها صدقة جارية عن روح والدي.

يضيف الحاج نديم، بعد أن امتلأت المقبرة، قررت شراء واحدة أكبر تتسع لخمسين شخصاً.

مدافن بلاد الشام

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، يقول الحاج نديم، نتيجة لكثرة الحاجة لمدافن تشاركت بعد فترة مع عدد من رجال الأعمال واشترينا قطعتي أرض واحدة للرجال والأخرى للنساء، كنوع من الصدقة الجارية، وأطلقنا عليها اسم “مدافن بلاد الشام”.

تقع مدافن بلاد الشام في مدينة “بلبيس” التابعة لمحافظة الشرقية، ويرقد فيها نحو 300 متوفى سوري في مصر، تفتح أبوابها بالمجان لذوي الدخل المحدود، ولا يتطلب الدفن فيها سوى تصريح دفن من إدارة الصحة ومن السفارة السورية.

الجمعيات الخيرية تساعد

كما تساعد المنظمات الإنسانية، والجمعيات الخيرية، في حل مشكلة اللاجئين السوريين المتعلقة بأماكن الدفن.

من الأمثلة، تخصيص الجمعية الشرعية، وهي جمعية مصرية غير حكومية، أرضا اشترتها في منطقة “السادس من أكتوبر” تتسع لنحو 3000 آلاف قبر.

مصطفى جلال، أحد أعضاء الجمعية، يقول اشترينا أرضا زراعية لمساعدة كل من لا يملك المال لشراء مدفن خاص، بغض النظر عن جنسية المتوفى والمهم فقط أن يكون هناك تصريح للدفن.

كما تتعهد الجمعية، التي تتلقى التبرعات الخيرية، في توفير سيارات دفن الموتى، في الوقت الحالي، أما غسيل الجثامين والأكفان مجانية في المساجد.

بدوره، عبد الرحمن الرواس، سوري وعضو في مؤسسة سوريا الغد للإغاثة، يقول في حديثه لموقع “تلفزيون سوريا”، مع بداية توافد السوريين إلى مصر، بدأت فكرة إيجاد أماكن لدفن السوريين، فقام أحد رجال الأعمال السوريين بشراء قطاع بين مقابر المصريين وخصصه للسوريين.

ويضيف عبد الرحمن، أن من أبرز حلول الدفن هي ما يقدمه رجال الأعمال السوريين الذين يشترون أراضي يهبونها لدفن موتى السوريين فيها.

وبحسب عبد الرحمن، إما أن يشتري المتبرع أرضا أو يتبرع بالمال للجمعية الشرعية مقابل دفن عدد معين من السوريين فيها.

وتتوزع المدافن الخاصة بالسوريين في كل من بلبيس والعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر وهي “مدافن لحد” ليست مثل مدافن المصريين التي تكون على شكل بناء فيه حجرات.

عائلات مصرية تسمح بدفن السوريين في مدافنها

لم تكن تعلم يارا صلاح ماذا تفعل عندما توفي والدها فجأة في القاهرة، خاصة أنها لم يكن لديها أقارب وأصدقاء سوريين يستطيعون مساعدتها فيما يخص الدفن، الأمر الذي دفعها لقبول عرض صديقتها المصرية بدفن الأب بمدفن العائلة المصرية في منطقة البساتين.

تقول يارا، لم أكن أعرف أن هناك مدافن للسوريين، وأن أهل صديقتي المصرية أشرفوا على كل إجراءات الدفن، وبعد العزاء أعطوني مفتاح المدفن لكي أزور والدي في أي وقت.

تضيف يارا، مدافن المصريين عبارة عن بيوت بجانب بعضها، يوجد فيها حجرات صغيرة تحت الأرض مقسمة للرجال والنساء، وكل عائلة تملك مدفنا خاصا بها، فلا تشعر بأن المكان موحش أو مخيف.

كذلك، تمام شرف الدين، سوري مقيم في القاهرة يقول، توفيت والدتي في عام 2015، وعندما كنت مشغولا باستخراج الأوراق من المستشفى ، من ثم إذن الدفن من السفارة، كان صديقي قد تحدث مع عائلته ورتب مع “التربي” الموجود في المدافن، المسؤول عن تجهيز القبور، من أجل تجهيز مدفن عائلتهم لاستقبال جثمان والدتي.

يقول تمام إن صديقي يعتبر أمي فرداً من عائلته أيضا ، وأصر على أن تدفن في مكان يليق بها، كما أنها ستكون في مدافن قريبة مما يجعلني أزورها دائما.

فتح العديد من المصريين مدافنهم للسوريين، وتشاركوا معهم قساوة الموت وألم الفراق، في حين لم يكن يعلم السوريون أنهم قد يتغربوا ويدفنوا في أرض بعيدة.

اختلاف طرق الدفن بين سوريا ومصر

يدفن المصريون موتاهم عن طريق بناء ما يشبه حجرات صغيرة فوق سطح الأرض مقسمة للرجال والنساء، يوضع فيها الميت ويغطى بالتراب، ثم يقفل عليه الباب.

يتسع المدفن المصري لما يقرب من خمسة أشخاص، ويعد قبراً جماعياً للعائلة الواحدة، كلما مات منهم شخص فتح القبر ويوضع الجثمان فيه، وبعد امتلاء المدفن تخرج عظام رفات السابقين وتجمع في مكان داخل المدفن يطلق عليه اسم “عظامة”.

ولكن الأمر مختلف في سوريا، فالقبر عبارة عن حفرة يتم حفرها تحت الأرض، وتسمى “اللحد”، يوضع الميت في منتصفها، ثم يتم تغطيته بالطوب أو ألواح إسمنتية، يتم وضعها بشكل عرضي من أحد جانبي الحفرة إلى الجانب الآخر، ومن ثم يتم طمر الحفر بالتراب، وغالباً لا يدفن أكثر من شخص في القبر الواحد.

أزمة نقل الجنازة إلى سوريا

يعد موضوع نقل جثامين الموتى إلى سوريا أمرا معقدا جدا ، ويكاد يكون مستحيلا، حيث يتطلب الأمر أوراقاً وموافقات تكلف أموالاً لا يستطيع معظم السوريين دفعها، كما تستغرق وقتاً طويلاً لا يتناسب مع الإسراع في إتمام إجراءات الدفن.

يذكر أن وزارة الخارجية السورية طلبت، عبر موقعها الرسمي، إجراءات للسماح لذوي المتوفى في الخارج بنقل جثمانه إلى سوريا ودفنه هناك، لكن بعض هذه الشروط يصعب تحقيقها على اللاجئين الذين فروا بطرق غير رسمية، وخاصة الذين يخشون الملاحقات الأمنية وفق بعض الحالات، لأن الخارجية تطلب وجود مرافق للجثمان من عائلته للسماح بنقله إلى سوريا، وهو أمر لا يناسب الكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى